روائع مختارة | قطوف إيمانية | الرقائق (قوت القلوب) | حماتي ملاك

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة


  حماتي ملاك
     عدد مرات المشاهدة: 2733        عدد مرات الإرسال: 0

دُعيت في يوم لمنزل إحدى صديقاتي المقربات، وجلسنا نتذكر أيام الدراسة التي جمعتنا معا، وسرعان ما إنضمت إلينا أختها التي تصغرها.

موجهة كلامها إلى أختها متسائلة: هل أخبرتيها بما تواجهينه من مشكلات؟ تساءلتُ في حيرة: ما هي تلك المشكلات؟!، فردت صديقتي: إنها حماتي!!، فهي تسبب لي العديد من المشكلات بيني وبين زوجي، قلت لها: لماذا لا تعاملينها وكأنها أم لكِ؟! ردت صديقتي: لا لا لا، لا تشبهي تلك المرأة بأمي، فأمي ملاك بالنسبة لها، وتابعتها أختها بأنها لن تتزوج برجل له أم، وإن حدث وتزوجت برجل أمه على قيد الحياة، فإنها ستبعدها عن حياتها.. شعرت وكأنني في فيلم حربي يتم فيه التخطيط لمجابهة عدو خطير، ألا وهو أم الزوج.. الحماة!!

إنطبع في النفوس مقت الحماة وكرهها، سواء كان ذلك من القصص التي نسمعها من أصدقائنا أو عن طريق وسائل الأعلام التي جعلت من الحماة الوحش الأسطوري الذي كل هدفه تدمير عش الزوجية، فأصبحت العروس لا تدخل بيت الزوجية إلا وهي تضع في ذهنها الطرق التي يجب أن تسلكها مع حماتها حتى تتقي مكائدها، فتظل تترصد كل كلمة تتفوه بها حماتها، وتتصيد إي حركة تقوم بها، وتحيك حولها القصص والحكايات، ناسية أو متناسية أن هذه الإنسانة قبل أن تكون حماة فهي أم، وستدور الأيام وتمر السنوات وستكون هذه الزوجة في مكانها وتعاني كما عانت حماتها.

أعلمي أيتها الزوجة العاقلة أن الحماة نعمة في حياتك قبل أن تكون نقمة، فلو أدركتِ كيفية التعامل معها بأسلوب ذكي فإنك ستكسبين حبها وإحترامها، حتى ولو تطّلب منك ذلك بعضا من الصبر والجهد، فثمة حساسية تحدث بعد الزواج من قبل أهل الرجل تجاهه وتجاه زوجته بالأخص، فيتصور الوالدان وبخاصة الأم بأن هذه الزوجة قد إختطفت إبنهم، وأن الإهتمام الذي كان يوليه الابن لأمه وأبيه سينتقل إلى الزوجة، فيتولد الإحساس بالغيرة من زوجة الابن، فالأم تشعر هنا بأنها هي التي تعبت، وزرعت، والزوجة هي التي حصدت، وشتان بين من تعب وزرع، ومن حصد وأكل، ويتم التعامل معها على أساس أنها إغتصبت حقا لهم ألا وهو إهتمام إبنهم بهم.

ولكي تتجنبي أختي الحبيبة المشكلات والمنغصات التي يمكن أن تقع بينك وبين حماتكِ عليكِ بالآتي:

1= أن يعلم الرجل أن أولى الناس به أمه بالدرجة الأولى ثم أبيه ثم زوجته، وإن رأت المرأة قصوراً في معاملة زوجها لأمه فعليها أن تحثه على برها، وأن تلح عليه في زيارتها والتودد إليها.

2= الزوجة العاقلة لا تتدخل فيما يقدمه زوجها لأمه وما يهبه لها، بل تساعده على أن يكثر لها العطاء، كما يمكنها أن تهديها بعض الهدايا البسيطة من وقت لآخر، كأن تقوم بعمل طبق شهي من الطعام الذي تفضله أم الزوج وتقدمه لها، فالزوجة الذكية هي التي تستطيع أن تأسر قلب حماتها بحسن معاملتها.

3= إذا ما حدثت مشكلة بينكِ وبين أم زوجك فلا تقصيها على زوجك وأنتِ تتباكين وتذرفين الدمع حتى تستميلي قلبه إليكِ، وتكسبي وده، فيصور له الشيطان أمه ظالمة مستبدة فيزحف الجفاء إلى نفسه ويسير في طريق العقوق.

4= حبيبتي إعلمي أن حماتك ما هي إلا أم، فلماذا لا تعاملينها وكأنها أمك؟ فلو كانت أمك هي التي وجهت لك اللوم، هل كنت ستغضبين منها مثلما فعلتِ مع أم زوجك؟ ضعي دائما نصب عينيك هذا القول -كما تدين تدان- فكل ما ستقومين به مع حماتك سيرد لكِ من أبنائك عندما يتزوجون وتصبحين أنتِ الحماة.

5= إحرصي كذلك على تعليم أولادك آداب زيارة الجد والجدة وخاصة إذا كانوا في سن كبيرة، فلا تدعيهم يزعجونهم بأصواتهم وحركاتهم، أو العبث بأثاث المنزل، بل لا تدعيهم يخرجون من المنزل حتى ينظفوا لهم المكان ويرتبوه، فبذلك تتمنى الحماة زيارتكِ كل يوم وتلح عليكِ في تكرارها.

6= ذكِّري نفسك دائماً بمحاسن حماتك وفضلها، وكفاها فضلاً أن قدمت لك حبيب عمرك، ورفيق دربك، زوجك الصالح، ومن ثمَّ لا أدعوك لتحملها فقط، بل أدعوك لحبها أيضاً.

7= إحرصي على شغل وقت فراغ حماتك، شاركيها في الصلاة، أو في ورد قرآني، أو في حوار في قضية تهمها، أو في الإستماع إليها إلى جوانب نجاحها في الحياة وقصة كفاحها في تربية زوجك، وسوف تحل بركات القرآن الكريم والصلاة وتثمر سكينة وحباً بإذن الله تعالى.

8= إذا ما كانت لحماتك حاجة ولك حاجة أخرى تتعارض معها، فماذا عساكِ تفعلين أيتها الزوجة العاقلة؟ إن كنت حقاً راجحة العقل فقدمي قضاء حاجتها على حاجتك راضية غير متذمرة، وإياكِ وإشعال نار الغضب ورفع راية القطيعة بينك وبين زوجك من أجل هذا التقديم، فإن حماتك إذا رأت منك هذا التنازل وهذا الإحترام فإنها بلا شك ستتنازل عن أشياء كثيرة فيما بعد.

9= إذا ما قام الزوج بإرضاء أمه على حسابك فألتمسى له العذر، فهو في صراع بين إرضاء أمه وإرضائك، وما يدريك أنه لم يُوصِ أمه بك خيراً.

10= إذا لم تستطيعي بعد محاولات عديدة كسب حماتك، فليس عليكِ إلا أن تصبري وتحتسبي أجرك عند الله تعالى، وإعلمي أن جزاءك الجنة، والجنة سلعة غالية تستحق التضحية، فهنيئاً لك صبرك.

ولك منى أيها الزوج العاقل هذه النصائح:

1) عليك أيها الزوج العاقل تحمل أخطاء أمك والصبر على تجاوزاتها ومقابلة الإساءة منها بالإحسان.

2) الكذب من الكبائر إلا أنه يباح في الإصلاح وتحسين العلاقات الإجتماعية والعائلية، فعليك حسن إستخدامه في الضرورة فقط وعندما لا يقوم غيره في تصفية جو الأسرة.

3) عليك أن تنصح زوجتك بعدم التدخل في شؤون الغير -الإخوة والأخوات والأم- ولا تعتبر كلام زوجتك وأخبارها من المسلَّمات القطعية التي تبني عليها قرارات وأحكام.

وهمسة في أذنك أيتها الأم الحبيبة:

هل تذكرين معي لحظة أن كبر إبنك، وتمنيت زواجه؟ ألا تذكرين تهنئة الناس لكِ بزواجه؟ ألا تدركين بذلك أن الله أنعم عليك بنعمة حُرمت منها أخريات كثيرات ممن توفاهن الله قبل أن يروا أبناءهن أزواجاً ويفرحن بأولاد الابن؟! ألا تذكرين أيتها الحماة الغالية يوم أن تزوجت؟ فإن كانت حماتك ظلمتك فقد ذقت مرارة الظلم فكُفِّي عنه، وإن كانت أحسنت معاملتك فليثمر الإحسان إحساناً.

أيتها الحماة الغالية، أترضين لإبنتك أن تعاملها حماتها معاملة سيئة؟ لا شك أن كل أم تريد لإبنتها معاملة طيبة، فإذا كنت تريدين لإبنتك حسن المعاملة من حماتها، فأحسني معاملة زوجة إبنك، فمن هدي حبيبنا: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» رواه البخاري ومسلم.

إحرصي على سعادة إبنك وزوجته، فسعادتهما لا شك ستنعكس عليكِ إيجاباً، وشقاؤهما سينعكس عليكِ سلباً، فإذا كان هناك تقصير من زوجة إبنك فيمكن علاج الأمر بعتاب رقيق بدلاً من النقد الدائم الذي لا ينقطع، ويوغر الصدور، ويغير النفوس، وإعلمي أن من أخطر الأمور على الحياة الزوجية لإبنك التدخل في شؤونه الخاصة وشؤون زوجته، فكوني حريصة على إستقرار إبنك وسعادته.

الكاتب: هدى محمد نبيه.

المصدر: موقع رسالة المرأة.